淡泊知足(呼圖白)
الخطبة الثانيـــة
第二部分
الحمـدُ للهِ ربِّ العالمينَ، جعـلَ طُلاَّبَ الآخرةِ في هُـدىً ويقينٍ، وأشهدُ أن لاّ إله َإلا اللهُ وحدَهُ لا شريكَ لَهُ الملكُ الحقُّ المبينُ، وأشهدُ أنَّ نبيَّنا محمداً عبدُه و رسولُه الأمينُ، خيرُ مَنْ عَبَدَ اللهَ حتى أتاهُ اليقينُ، صلَّى اللهُ وسلَّم عليهِ وعلى آلهِ وأصحابهِ وأتباعِه إلى يومِ الدينِ.
أمّا بعدُ:
فاتقوا اللهَ أيُّها الناسُ، وتجمَّلُوا بالتقوَى فإنَّها خيرُ لِباسٍ،} وَلِبَاسُ التَّقْوَىَ ذَلِكَ خَيْرٌ ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللّهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ { }الأعراف:26 {.
عبادَ اللهِ:
إنَّ المتأمِّلَ في بعضِ أهلِ زمانِنا، يَرى حُبَّ المادةِ قَدْ سَيْطَرَ على نفوسِهم، وإيثارَ المالِ هَيْمَن على قُلوبِهم، عليها يَتهافَتون، ومِن أجْلِها يَتنافَسون، إن زادَتْ أموالُهم فُتِنُوا، وإن نَقَصَت حَزِنوا، يَركُضون في الدنيا بغيرِ عَنانٍ، ويملؤُونَ أيدِيَهم بغيرِ مِيزانٍ، لو مُنِيَ بِخَسَارةٍ في دُنياه ضاقَتْ نَفْسُـه، واعتَلَّتْ صِحَّتُهُ، وهذه الآفاتُ يجمعُهـا قِلَّةُ الرِّضا عن ربِّ البرَيَّاتِ.
إخوةَ الإيمانِ:
إنَّ مما يُعينُ على الزُّهدِ في الدنيا، والرغبةِ فيما عِندَ اللهِ جلَّ وعلا، أموراً ثلاثة: عِلْمُ العبدِ أنَّ الدنيا ظلٌّ زائلٌ وسرابٌ راحلٌ فهي:} كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرّاً ثُمَّ يَكُونُ حُطَاماً{ }الحديد:20{، وَعِلْمُ العبدِ أنّ وراءَ الدنيا داراً أعظمَ منها قَدْراً، وأجـلَّ منها خَطَراً،} وَالآخِرَةُ خَيْرٌ لِّمَنِ اتَّقَى وَلاَ تُظْلَمُونَ فَتِيلاً { }النساء:77{، وعِلْمُ العبدِ أنَّ زُهْدَهُ فيها لا يمنَعُهُ شيئاً كتُبَ لهُ منها، وحِرْصَهُ عليها لا يَزِيدُهُ على ما قُسِمَ له منها،" واعلم أنّ ما أصابَكَ لم يَكُن ليِخُطِئَكَ، وما أخَطَأَك لم يكن لِيُصِيبك"[أخرجه أحمد]، يقولُ بعضُ الحكمــــاءِ: "لو كانت الدنيا مِن ذَهَبٍ يَفنَى، والآخرةُ من خَزَفٍ يبقَى، لكان الواجبُ علَى العاقلِ أن يُقدِّمَ الخزفَ الباقِي، على الذهبِ الفاني، فكيف والآخرةُ من ذَهَبٍ يَبقَى، والدنيا من خَزَفٍ يَفنَى"!.
ألا فاتقوا اللهَ إِخْوَةَ الإيمانِ، وأقبِلوا على طاعةِ الرحمنِ، فإنَّ في القلب شَعَثاً، لا يَلُمُّهُ إلا الإقبالُ على اللهِ، وفيه وَحْشَةً لا يُزِيلُها إلا الأنسُ بالله، وفيه حَسْرةً لا يُطْفِئُها إلا الرضا باللهِ، وإنّ في القلبِ قَلَقاً، لا يُسْكِنُهُ إلا الفرارُ إلى اللهِ، } فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ إِنِّي لَكُم مِّنْهُ نَذِيرٌ مُّبِينٌ{ }الذاريات:50{.
اللهم اجْعلَنا مِنَ القانِعين برزقِكَ، الراضِينَ بقضائِكَ، المتَّبِعِينَ لنبيِكَ، اللهم لا تجعلِ الدُنيا أكبرَ هَمِّنا، ولا مَبْلَغَ علمنا، ولا إلى النار مصيرَنا، واجعـل الجنةَ دارَنا وقرارَنا، اللهم أعِزَّ الإسلامَ والمسلمين، وأذِلَّ الكفرَ والكافرين، اللهم اهزِم مَن عادَى الإسلامَ والمسلمين وآذَى أمَّةَ خيرِ المرسلين، اللهم انصُرْ دينَك وكتابَك وسُنَّةَ نَبِيِّك وعبادَك المؤمنين، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ، وَالْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ، الأَحْيَاءِ مِنْهُمْ وَالأَمْوَاتِ. اللهمَّ أَصْلِحْ وُلاَةَ أُمُورِنَا وَوَفِّقْهُمْ لِمَا تُحِبُّ وَتَرْضَى، وَخُذْ بِنَوَاصِيهِمْ لِلْبِرِّ وَالتَّقْوَى. وَاجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِنًا مُطْمَئِنًّا سَخَاءً رَخَاءً وَسَائِرَ بِلاَدِ الْمُسْلِمِينَ. ربَّنا آتِنا في الدُّنيا حسَنةً؛ وفي الآخرةِ حسَنةً؛ وقِنا عذابَ النَّارِ. وَآخِرُ دَعْوَانَا أَنِ الْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.
感謝流覽伊斯蘭之光網站,歡迎轉載並注明出處。